بحث هذه المدونة الإلكترونية

لرياضة: شالكه الالماني وبرشلونة الاسباني يتأهلان الى دوري الثمانية لدوري ابطال اوروبا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 أبريل 2011

ديكاج عزيز





الربيع ولد ايدومو

 

أناشاب موريتاني- 26 عاما.. سأخرج يوم 25 إبريل للمطالبة باسقاط النظام الديكتاتوري الذي يرفض الاصلاح.. ساخرج للتعبير عن رأيي وقول الحقيقة، سأرفع العلم الموريتاني، وسأتحدى آلة القمع التي يواجه بها النظام مطالب الشباب.. سأتوحد مع كل شباب موريتانيا مهما اختلفنا في الفكر او الجهة او القبيلة او العرق.. وساكون معهم في صف واحد

 

اننا نحضر اليوم انفسنا للخروج يوم 25 ابريل في العاصمة نواكشوط ومدن الداخل.. موعد آخر من المواعيد التي نخرج فيها للتعبير عن رأينا، لكن هذه المرة تختلف.. سنخرج بعبارات صريحة نطالب باسقاط النظام الديكتاتوري الذي لا يتورع عن ترك آلام شعبه والجوعى على أبواب قصره، ويذهب لتلميع أحذية القذافي، ومحاولة وجود مخرج لذئب جريح.

سنخرج يوم 25 ابريل لنقول لمحمد ولد عبد العزيز ان يرحل.. وان يترك السلطة، ونعرف ان كلمة الرحيل مرة في أذنيه، ولو كان مؤمنا بالرحيل لقبل قرار اقالته ولا يفكر في انقلاب على السلطة.. ولكن كلنا نرحل يوما وتبقى موريتانيا باذن الله وحفظه.

نتذكر جيدا انه في يوم 17 فبراير 2011، خرج 3 ناشطين شباب للتعبير عن رغبتهم في التغيير والإصلاح.. كانوا ثلاثة فقط، لكن كل واحد منهم خرج لأنه يشعر انه يجب انيفعل، بعد ان استفحلت الأزمة الاقتصادية وازدادت طوابير العاطلين والمتذمرين واصحاب المظالم، وبدى واضحا ان نظاما مفلسا يقود البلاد الى الهاوية، وان الأفق مسدود أمامالحصول على حياة كريمة في البلاد طالما لم تتغير السلطة والنظام.

بعد 17 فبراير جاء 25 فبراير.. خرج أكثر من ألف شخص من المسجد السعودي دون ان يقول أحدهم انه جاء ليتظاهر، وكان كل واحد ينظر الى يمينه ويساره لعه يرى وجها ألفهعلى الفيسبوك، او يسمع صوتا تحدث مع صاحبه على اسكايب، خلال تنسيق الشباب فيما بينهم على شبكة الانترنت.. وكانت الخطوة الأولى عندما فتح احد الشباب سيارته وبدأ يخرجالاعلام الموريتانية، فكانت فرصة ليتجمع حوله الناس -الذين لا يعرف احدهم الاخر في الغالب- ويختطفون الأعلام بسرعة البرق، ويشكلون مظاهرة من الموريتانيين الذين جمعهم حبموريتانيا والتذمر من نظام عزيز.

اصبح الثلاثة ألفا.. ولم تنقض ساعات حتى تدفقت اعداد كبيرة من المتظاهرين رفعوا شعارات تعبر عن رفضهم للجوع في بلد غني، وعن رفضهم للظلم وغياب العدل والتهميشورفضهم للبطالة، وتنديدهم ببيع ساحة بلوكات التي سكنها الفقراء، قبل ان تباع في صفقة مشبوهة لأثرياء مقربين من الرئيس، وعندما حل المساء قرر المتظاهرون الاعتصام قبل انتقوم شرطة ولد الهادي بالاعتداء عليهم بعد منتصف الليل وتطردهم من الساحة..

لكن نظام محمد ولد عبد العزيز قرر بعد ذلك تجاهل الحراك الشبابي.. لانه لم يتعود ان يسمع صوت الفقراء الذين يدعي انه رئيسهم، لذلك اعتبر ان الموضوع لا يتجاوز بعض ظاهرة صوتية لشباب الفيسبوك من هواة التظاهر.. دون ان يكلف نفسه سماع مطالبهم والنزول عند رغبتهم.. بل تجاهلهم تماما ولم يعلق عليهم.. وسحب شرطته من الشارع، انه يلتزم تمامابدور اعداء الثورة التقليديين.. يتجاهلونها.. ثم يسخرون منها.. ثم يحاربونها.. ثم ينهزمون امامها..

الخطوة الثانية بعث الجنرال انصاره في المدن والقرى ليرعبوا الناس ويقولون لهم ان لا يشاركوا في الحراك الشبابي لانه يهدد الوحدة الوطنية، متناسيا ان الوحدة الوطنية لا يهددهاغير الظلم وغياب العدالة والفقر والأزمات الاقتصادية والكذب على الشعوب.

رغم انف السلطة.. تواصل الحراك واصبح الآلاف من المتظاهرين السلميين يعبرون بشكل منظم عن رأيهم، ويكشفون مطالبهم في ساحة بلوكات، ويرفعون شعارات سلمية مطالبةبالاصلاح والتغيير..

مع التزايد المذهل.. اسقط في يد الرجل الذي تعود ان يخاف منه الآخرون، وان يتوعد ويهدد.. فدفع ببعض انصاره "ليغنوا ويرقصوا" في بلوكات على طريقة القذافي، سيد الزعماء العرب الدكتاتوريين.. وكان منهم للأسف شعراء وفنانون لم يترددو في وصف الثورة بأنها "ثورة ساندويتش".. ان نظام عزيز احرص قبل أي وقت مضى على ان لا يترك خطوة منالقانون الذهبي للمهاتما غاندي..فبعد التجاهل جاءت السخرية، لقد ارسل شعراء ليسخروا من الشباب الفقير العاطل بدل ان يحل مشاكله، لمن الشباب كانوا اكثر عنفا في ردهم الساخر: "نحن ننتظر ردا بحجم رد جمال مبارك على المتظاهرين المصريين، وحينها سنجيب على الارض من خلال تظاهراتنا واعتصاماتنا.

كان وجود انصار عزيز في بلوكات فضيحة بكل المقاييس، وبقدر الفضيحة كان لابد لنظام على شاكلته ان ينتهج اسلوبا اقوى، لقد فشل في مواجهة المطالبين بالاصلاح بانصارهوالمقربين منه فلجأ للقمع.. وكان ايضا يكرر الخطوة الثالثة ما قاله غاندي.. لقد بدأ يحارب بالثورة..

زرع الرجل شرطته في ساحة بلوكات التي باعها لمقربين منه بطريقة مشبوه ومثيرة للجدل، وبعد ان طرد منها آلاف الاسر من المواطنين البسطاء.. في دليل على انه "جنرال صفقات" بكل امتياز وليس "رئيس القراء" لان الفقراء هم نفسهم من وزع عليه فتاة "سمك يابوي" ليسكتهم خوفا من ان يلتحقوا بساحة بلوكات وفرض عليهم يوم عطلة انطلاقا مسرحيا لإحصاء الكزرات.. انه يلعب على عقول بعض الناس متجاهلا ان الاغلبية سئمت شعاراته.

لم تتردد شرطة عزيز كما شرطة زين العابدين من قبله وشرطة حسني مبارك في قمع الشباب، تم تعرض عشرات الشباب للضرب المبرح علنا في ساحة بلوكات وسط نواكشوط.. وتمت حلاقة رؤوسهم والتنكيل بهم وتحقيرهم.. يثبت عزيز في كل هذا انه رجل رعب وليس رئيسا ديمقراطيا.. ان رجلا يضرب شعبه لا يستحق ان يظل رئيسا.

ان رجلا يعذب الشباب بسبب رفعهم لمطالب شرعية وتظاهرهم بشكل سلمي، يجب ان يسحب من قصره ويخضع لمحاكمة عادلة وينال عقابه.. ان محمد ولد عبد العزيز برهن على انهعبارة عن "قبضة من حديد" وانه مستعد لطحن كل الموريتانيين اذا ما قرر أحد منهم ان يخرج عن الاطار الذي رسمه.. وكأنه يحاول القول: "انتم فقراء وأنا رئيسكم، انتم ضعفاء وانا اقواكم.. قبلتم ذلك.. انا سيدكم، رفضتم او انتقدتم سأنكل بكم جميعا.. "أنا رئيس لي مخالب فاحذروني".. نحن اذا غنم اذا سكتنا لك.. جميلة اغنية الراب التي رددها فنان الهيب هوب على منصة التظاهر في ساحة بلوكات "قولو للعزيز نحن مانا معيز".

موريتانيا ليست بحاجة لرجل يعذب ابناءها ليست بحاجة لرئيس يسرق ثروتها ويراكم الاموال في حساباته وتطارده فضائح شراء ذمم المستشارين بأموال الدولة.. موريتانيا بحاجة الىرئيس من العقل والحكمة بحيث يسمع ما يقال، ويتعامل مع المشاكل من خلال تقديم حلول، واذا كان عاجزا فاليقدم استقالته.. فلا احد اجبره على ان يكون رئيسا..

اما البقاء في السلطة والعجز عن حل المشاكل، فقد أصبح أسلوبا قديما، تجاوزه العالم، وخاصة العالم العربي الذي ينتفض اليوم من محيطه الى خليجه مودعا رؤساءه الذين اخجلوا الامة وورطوها في التنازلات والفساد.

محمد ولد ابيليل وزير خارجية عزيز، قرر اللعب على وتر آخر، عله ينقذ سيده من وجع الثورة التي لا تزال في مهدها فقرر التفاوض، لكنه تلقى اول صفعة مباشرة بانه لا احد يريدالتفاوض مع وزير مشرف على التقاعد يعطي اوامر بالتنكيل بالمتظاهرين، وان حكومة فاشلة مثل حكومة مولاي ولد محمد لقظف اعجز من ان تحقق مطالب الشباب، وانهم ان كانوا يريدون فعل شيئ فاليبدؤوا بتحقيق مطالب الشباب.

لا يعلم ولد الهادي وولد ابيليل ان اباطرة التعذيب تخلى عنهم الرؤساء بعد ان اندلعت الثورات، فأصبحوا يتحسرون على ماض اتيحت لهم فيه فرص التوبة فضيعوها.. ان محمد ولدعبد العزيز وولد الهادي وولد ابيليل وكل من على شاكلتهم يخافون..ولا يستحون، لذلك ننبههم بان من ينكل اليوم بشباب الثورة عليه ان يحسب حساباته بعد ان يرحل النظام..

اليوم خاف ولد عبد العزيز من حراك الشباب فزال عقله من موضعه، واصبح يرضي كل من يتحرك محتجا باجراءات اكثرهاكلام وليس افعلا.. فتفجرت له الاحتجاجات من كل حدبوصوب، واصبحت موريتانيا كلها تحتج امام قصره من كل الادارات والمناطق والقطاعات، فركع وطلب الحوار مع المعارضة عبر وزيره الاول، فرفضت الاخيرة ان تدخل في حوار غيرشامل للجهات والمواضيع، طلب الحوار مع الشباب فرفضوا ان يحاوروه، فانصرف الى نفسه يهيؤها للمرحلة القادمة.. وهو لا يقوم بالتحضير الا لأمر واحد، وهو البقاء في السلطة، اما القضايا الاخرى فيرتجلها ويفسدها ويبيعها.. لانه باقتصار رئيس غير متبصر.

ان محمد ولد عبد العزيز هو شخص غريب، افسد خلال فترة حكمه اكثر مما افسده رؤساء عرب تربعوا لاكثر من عشرين عاما على عرش السلطان.. وهو يقول انه جاء ليحاربالفساد، وعندما تظاهر له الفقراء الذين يدعي رئاستهم تخلى عنهم وأمر الشرطة بقمعهم وطحنهم والتنكيل بهم.. لا أحد يثق فيه وهو لا يثق في أحد، فشل في معالجة مشاكل الداخلفنفخ في كبريائه وانبرى لمشاكل الخارج.. ففشل في الكوتديفوار.. وفشل في ليبيا.

اليوم لم يعد الثوار ثلاثة ولا ألف.. لقد اصبحوا آلافا في كل مكان، وتمكنوا من اثبات سلميتهم وتمسكهم بحق التظاهر.. اليوم ظهر النظام على حقيقته، بانه نظام يكذب على شعبه، يضرب الناس ويعذبهم ويرفض تحقيق مطالبهم الشرعية.. انه نظام أدمن الخشونة والعنف، ولا يهمه ان يستمع الى المطالب المشروعة.

لكن ايضا.. الكل يعرف ان نظام ولد عبد العزيز اضعف من جناح بعوضة، وان احزاب المعارضة تعبت من محاولاتها في ان تصنع منه نظاما قابلا لأن يتم الحوار معه، وانه اغرقالبلاد في ازمة اقتصادية خانقة، وحولها الى حانوت لصفقاته الخاصة، وانه كذب على الفقراء اكبر كذبة في تاريخ البلاد، وانه اعتقل الصحفيين والحقوقيين، وان رجال الاعمال يجدونانفسهم اليوم امام رجل لا يفهمه احد، ولا يمكن ان يعيش في ظل رئاسته احد، رجل انه كبل المظفين فلم يعودوا قادرين على التحرك الا باذنه، وان الجيش يتذمر لانه زج به فيمعارك خاسرة ليعزز اركان دكتاتوريته، وان النخبة الثقافية غاضبة ومنهكة، وانه غلق ابواب البلاد على العباد وان الاعتصمات والاحتجاجات تعم ارجاء الوطن للمطالبة بالحقوق.

الشباب هو القوة الاكبر في البلاد.. اقوى من النظام ومن الاحزابومن المؤسسات.. هم من يصنعون التاريخ.. يصنعون السياسة، ويصنعون الاقتصاد.. فكيف يقمعهم نظام عزيز ويعذبهم في الشوارع والساحات العامة لتثبيت حكمه؟!!

ان المؤسسة العسكرية اليوم مطالبة بحماية خيار الشعب الموريتاني، والمعارضة وضعت امام مسؤولياتها في هذا الحرك، فبعد ان ضيعت عدة فرص لابعاد ولد عبد العزيز عن السلطةلانه لا يصلح لها جاءتها الفرصة اليوم على طبق من ذهب، والشباب مدعوا للتوحد أكثر من أي وقت مضى لصناعة لحظة تاريخية بعد ان ظننا جميعا انه كتب علينا ان نعيش تحترئاسة جنرال ديكتاتور لا يفهم انه عليه ان يتعايش مع الآخرين ولا يتخذ التعذيب والقمع وسيلة لحل المشاكل.

يوم 25 ابريل يوم يمثل أملنا في صناعة الأحداث كشعب، يوم لإحداث الصوت والتعبير عن انفسنا، يوم للخروج الى الشارع، سنتوحد فيه رغم اختلاف مشاربنا واعراقنا وانتماءاتناالايديولوجية والعرقية، يوم يشكل رمزا تاريخيا في حياتنا.. لقد كسر حاجز الخوف الذي زرعه الأمن، ومدير الأمن ستتم ملاحقته في الجنايات الدولية، بسبب الجرائم التي اقترفها بحقالمتظاهرين وتم توثيقها بالصور، وعليه عدم قبول توريطه في مزيد من القمع ضد المتظاهرين السلميين.

ان خروج الناس للشارع ليس مشكلة لمن يثق في نفسه ويعتقد ان له شعبية في الشارع، والمتظاهرون اثبتوا انهم قادرون على تسيير مظاهراتهم بشكل محترم حتى عندما غابت الشرطة، اما القمع فقط جربه رؤساء آخرون مصيرهم اليوم لا يسر عدوا ولا صديق..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق