بحث هذه المدونة الإلكترونية

لرياضة: شالكه الالماني وبرشلونة الاسباني يتأهلان الى دوري الثمانية لدوري ابطال اوروبا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 19 مارس 2011

بعض الصور من مظاهرات شباب 25 فبراير في انواكشوط الجمعة 18 مارس 2011

بعض الصور من مظاهرات شبنب 25 فبراير في انواكشوط : نقلا عن موقع الاخبار إنفومنسقية 25 فبراير أحضرت المياه للمتظاهرين من أجل الوضوء والشراب (الأخبار)الفرقة الموسيقية لـالراب" ألهبت حماس الجماهير وحفزتهم للقيام من ظل الحيطان التي لجؤوا إليها  لاتقاء أشعة الشمس الحارقة (الأخخار)

رجال دين يفرضون رسوما على مرتادي محاضراتهم

تحمل الكوارث الطبيعية

في ثناياها القليل من الفوائد. ومقتنص الفرص الناجح

هو الشخص الذي يرى في هذه الكوارث وسيلة للشهرة ولتعزيز حساباته البنكية.

ويأتي وعاظ الدين في قائمة المستفيدين من ترويج فكرة نهاية وشيكة للعالم. فهؤلاء احتلوا مساحات واسعة من شاشات التلفزة مع حلول الكارثة الهائلة على اليابان، مستندين في تحاليلهم إلى نبوءات الكتب المقدسة. وقد يستفيضون في إضفاء الطابع الديني على تفسير الاضطرابات السياسية، وارتفاع أسعار النفط، والحروب الأهلية.

نمو كبير في التنبؤات

وشهدت الصفحة المخصصة لتنبؤات اقتراب نهاية العالم على موقع RaptureReady.com نموا كبيرا في عدد الزوار خلال الربع الأول من عام 2011. وبدأت دار النشر "تيندال هاوس" تكثيف خططها لطبعات جديدة من سلسلة روايات "المتروكون" التي تروّج أفكارا عن أن أحلك فترات التاريخ ظلاماً على وشك المجيء. وتتألف السلسلة من 16 رواية عن كيفية التعامل مع التنبؤات حول نهاية العالم، وباعت أكثر من 65 مليون نسخة.

وقال نائب الرئيس للمبيعات في "تيندال هاوس" ديفيد أندرودي "إن الطبعات الجديدة تتميز بأغلفة وعناوين جديدة تعكس أحدث المتغيرات في العالم، ومن العنوانين الحديثة: هل نعيش نهاية العالم؟".

ويربط المؤلف المشارك للسلسلة تيم لاهاي بين الكوارث في اليابان وتنبؤات الكتاب المقدس، مشيرا إلى أن "الإنجيل يخبرنا بأن واحدة من علامات الأيام الأخيرة للحياة هي زيادة نشاط وشدة الزلزال".

واكتسبت مبيعات كتاب "الإمام الثاني عشر" للمؤلف جويل روزنبرغ زخما مرة أخرى بعد الإصدار الأول في نهاية العام الماضي"، واللافت أن بطاقات لحضور ندوة في القدس لروزنبرغ الذي تتركز كتاباته على التبشير بظهور علامات نهاية العالم، نفدت قبل شهرين من موعد الحدث.

حماس بين القساوسة الأمريكيين

ودب الحماس بين القساوسة الأمريكيين بعد زلزال اليابان على غرار ما أصابهم بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر، ورأى البعض منهم أن الزلزال كان تمهيدا لعودة المسيح إلى الأرض، ومن شأنه أن يؤدي إلى نهاية العالم. وشهد الموقع الإلكتروني للقس جون هاجي من سان انطونيو بولاية تكساس إقبالا كثيفا من قبل متصفحي الإنترنت، الأمر الذي سمح له بالترويج لأفكاره، وإضافة وصلات لشراء كتبه ومنشوراته وحلقاته الدراسية، منها رابط لشراء "دي في دي" حمل اسم "هرمجدون المالية" بقيمة 12 دولارا، ورابط لتسجيل حضور حلقة دراسية في سكرامنتو في نيسان/أبريل مقابل 10 دولارات.

وهاجي هو أحد كبار قساوسة كنيسة كورنرستون التي يبلغ عدد مرتاديها الدائمين 19 ألف شخص. وينشط في نشر العظات الدينية التي تتطرق إلى التطورات التي يشهدها العالم حاليا، وآخرها كانت تتعلق بالانتفاضة في مصر، وتضمنت العبارات التالية "كونوا على أهبة الاستعداد! كوكب الأرض على وشك أن يصبح ملعبا لأعداء المسيح والنظام العالمي الجديد. احذروا ظهور المسيح الدجال في أوروبا في أي وقت ممكن، صلوا!".

ويؤمن بعض المسيحيين أن عودة السيد المسيح مقدمة لنهاية العالم. ويقول أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة ولاية أوريغون دانيال وجسيك، مؤلف كتاب "نهاية العالم كما نعرفه: الايمان، والايمان بالقضاء والقدر، ونهاية العالم في أمريكا"، إن الاهتمام الحالي في نهاية العالم أصبح نمطا.

إشارات إلهية إلى نهاية العالم

ويضيف أن "الصراع أو الاضطراب في الشرق الأوسط و انتشار الموت والدمار هي إشارات إلهية إلى نهاية العالم". ويلفت إلى أن "القوة المتزايدة للانترنت تتيح نشر المعتقدات المدمرة والأفكار المروعة في كل مكان".

ومن المعروف أن صاحب الفضل لأفكار وجسيك هو زميله هارولد كامبينغ، الذي تنبأ منذ عدة سنوات بارتقاء المسيحيين الصالحين إلى الجنة في 21 مايو/أيار 2011، على أن يتم تدمير العالم يوم 21 أكتوبر 2011. لكن كامبينغ لا يتقاضى أي مبلغ مقابل توقعاته المنشورة على موقعه، ويمكن تحميل جميع المواد المتوافرة على الموقع مجانا.

الخدمة المجانية ليست لها مكان في قاموس مؤسس موقع RaptureReady.com تود ستراندبرغ الذي أكد زيادة عدد زوار موقعه بنسبة 20% خلال الشهرين الماضيين. وعزا نجاح موقعه إلى أنه يبرع في قطع الفاكهة التي تقع في طريقه، وحاليا هي نشر معتقدات نهاية العالم.

الجمعة، 18 مارس 2011

صورة من مظاهرة اليوم في انواكشوط لشباب 25 فبراير

صورة من مظاهرات اليوم أمام ساحة البرلمان في انواكشوط المصدر: تقدمي

مقال يحي ولدحامدن الانسان


أصبت بالذهول، مثل غيري من الموريتانيين، وأنا أسمع نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الدكتور يحي ولد حامدن، الأكاديمي الموريتاني الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا فجر يوم الجمعة 2011/11/03 في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس.

ورغم أن خسارة رجل من هذا العيار هي، دون أدنى شك، خسارة أكاديمية كبيرة ليس بالنسبة لموريتانيا فحسب بل للعالم كله، فإنني ارتأيت في هذا المقال التأبيني المقتضب أن أتناول جانبا من حياة الرجل الإنسان وليس الأكاديمي وذلك لسببين

:

الأول: أن هذا الجانب من حياة الرجل لم يتح للكثيرين التعرف عليه.

الثاني: أنني لم أعرف المرحوم يحيى أكاديميا ولا باحثا ولكن إنسانا بمعنى الكلمة.

بدأت صداقتي، إن جاز أن أطلق هذا اللفظ على العلاقة التي ربطتني بالمرحوم يحيى في 1999م عندما كنت أتردد على مقر الاتحادية الموريتانية للشطرنج. صداقة جمعت بين شاب يبلغ من العمر 17 عاما يتلمس طريقه ويحاول جاهدا أن يفتح عينيه على الدنيا وابن عمه الذي تجاوز الخمسين من العمر، وبلغ من الشهرة والمجد ما بلغ، بين طالب الثانوية وعالم الرياضيات، بين هاوي الشطرنج واللاعب المحترف. حواجز كثيرة كانت تستطيع أن تقف في وجه تلك الصداقة. لكن كل تلك الجواجز لم تكن تعني شيئا في قاموس يحيى ولد حامدن الإنسان.

أثناء ترددي على مقر الاتحادية الموريتانية للشطرنج، أثار انتباهي ذلك الرجل الأنيق المتواضع الذي يوزع ابتسامته على الجميع ويناديه أصحابه بـ (الدكتور).

وبعد شهر، اكتشفت أن الدكتور هو نفسه يحي ولد حامدن الذي سمعت عن عبقريته وبحوثه وتمسكه بأصالته رغم أنه يعيش في فرنسا منذ عقود

. رأيت فيه الحلم الذي يطمح إليه الشاب الموريتاني، تعلمت منه أسمى آيات التواضع والبساطة في التعامل مع الآخر، تعلمت منه كيف يكون المرء إنسانا قبل أن يكون أكاديميا أو باحثا. تعلمت منه أن قيمة الإنسان هي في إنسانيته وتعماله مع الآخرين مصداقا لقول الرسول (ص): "ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق"، وليست في شهاداته أو شهرته أو ما يُحصِّله من الأعراض الدنيوية التي لن ترافقه إلى القبر ورحلة الدار الآخرة.

لم أشعر يوما، وأنا أتعامل معه، أنني أمام ابن عمي ويجب أن تحكم علاقتنا أو-إن شئت قل صداقتنا- بمجموعة من البروتوكولات والتحفظات التي يمليها علينا المجتمع الذي ننتمي إليه.

طيلة سنوات حظيت برفقته لمدة ساعات يوميا، استمتعت بشخصية من الصعب أن تتكرر في هذا الزمان. مزيج بين محظري أصيل ومثقف متحضر منفتح على الآخر: يحاضر في الفقه ويعرف بالتفاصيل الموسيقى الأوروبية التقليدية كسمفونيات بتهوفن ومعزوفات موزارت والمدارس الفنية في الرسم ويستشهد بالشعر وأيام العرب. يساعد الآخر ويحتضنه في كنفه ويرشده بتواضع من دون أن يشعر الطرف الآخر بذلك ودون أن ينتظر هو مقابلا.

صداقة افتخرت بها ومازلت وأعتبر نفسي من المحظوظين الذين وضعتهم أقدارهم في طريق يحي ولد حامدن الإنسان وليس الأكاديمي ولا الباحث.

Echec et mate (الشيخ مات) عبارة رددناها دائما في جو من المرح لكننا اليوم نعيشها في جو من الحسرة على فراق الشيخ والصديق الذي سكن قلوب كل من عرفه عن قرب ولم يخرج منها بعد وفاته.

كان زاهدا في الدنيا ولم تغره ملذاتها الزائلة. يترك لهو الحياة ومتاعها في عاصمة الأنوار وصخبها ليعود إلى خيمة هادئة في أحضان البادية الموريتانية ويوزع ما شاء الله له أن يجمع من متاع الدنيا الفانية على الأرامل والأيتام فيخفي ما ينفق بيمينه حتى لا تعلمه شماله.

أخبرني بعض من أثق بهم أنه عندما كلفه نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد الطايع بتنظيم أول منتدى للباحثين الموريتانيين في الخارج، سلمت له الأموال بتوجيهات من الرئيس في أكياس من الخزينة العامة للدولة. ولم يطلب منه حتى مجرد التوقيع على ورقة استلامها وخولت له مطلق الصلاحيات في التصرف بها. ورغم ذلك اشترط وضعها في حساب مصرفي وتعيين شخص من قبل الحكومة ليوقع معه على كل المصروفات.

يومها، أصيب الخريجون من مدرسة "التفكريش" بالذهول. وتساءلوا: كيف يستطيع هذا الرجل أن يأتيه رزق فيرفضه؟ لكن يحيى كان يعرف أن لحظة الحساب ستحين لا محالة. وعندما انتهى الملتقى، أصر يحيى على إعادة الأموال التي بقيت بحوزته إلى خزينة الدولة.

في آخر اتصال هاتفي له مع صديقه إبراهيم ولد همام ليطمئن على حاله بعد إصابته بوعكة صحية بسيطة قال له يحيى: apparemment c’est grave. لقد اضطررت لاستعمالun antibiotique . ولربما كان، رحمه الله، يعلم أنه بكلماته تلك ينعى نفسه لأصدقائه الذين عرفوه عن قرب. وتلك، لعمري، ميزة أخرى تضاف ليمزات يحيى الإنسان التي لا يستطيع مقال مقتضب أن يحيط بها. وما ذلك بغريب على سليل العلامة والمؤرخ والفقيه المختار ولد حامدن ومحنض باب ولد اعبيد رحمهم الله جميعا.

شيخنا ولد محمد الأمين

مجلس الامن الدولي يوافق على قرار بشأن فرض حظر جوي على ليبيا

وافق مجلس الامن الدولي فجر الجمعة 18-3-2011 على مشروع قرار يقضي بفرض حظر جوي فوق ليبيا، تمت الموافقة على القرار الذي تقدمت به كل من فرنسا وبريطانيا والمجموعة العربية، بأغلبية عشرة أصوات مقابل امتناع خمسة أعضاء عن التصويت منها روسيا والصين وألمانيا.

ويسمح القرار بتنفيذ ضربات جوية ضد ليبيا لمنع القذافي من استخدام الطيران ضد المدنيين. وأعلن وزير خارجية فرنسا الان جوبيه أن التحرك سيبدأ خلال ساعات.


من جانبها أعلنت إيطاليا أنها مستعدة لوضع قواعدها الجوية لخدمة تطبيق الحظر الجوي.

وفور الموافقة على القرار أطلق ليبيون في مدينة الزنتان الواقعة غرب البلاد النار ابتهاجا بالقرار الدولي.كما احتشد آلاف في مدينة بنغازي وعبروا عن سعادتهم بالقرار، الذي يطلب الحماية للمدنيين، خاصة في المدينة.

وفي أول رد فعل رسمي من النظام الليبي ، استخف النظام بالقرار وقال إنه لايستحق الورق الذي كتب عليه.


وكانت العربية قد حصلت على نسخة من مسودة لمشروع القرار تتضمن فرض حظر طيران فوق ليبيا وسيسمح للدول العربية وغيرها بالتعاون مع الأمم المتحدة بحماية المدنيين بما في ذلك في مدينة بنغازي التي تسيطر عليها المعارضة.

ويتضمن القرار ااتخاذ كل الاجراءات الضرورية، لحماية المدنيين والمناطق السكنية المدنية التي تواجه تهديدا في ليبيا بما في ذلك بنغازي، ويستبعد إرسال قوة احتلال.

ويشدد على حظر السفر للزعيم الليبي معمر وأبنائه والمقربين منه وتجميد ممتلكاتهم، وينادي بوقف العنف ويحذر من أي أعمال عنف ضد مدنيين سيتم اعتبارها جرائم ضد الإنسانية.



وذكرت مصادر في الامم المتحدة ودبلوماسيون فرنسيون أنه سيكون من الممكن شن غارات محددة الأهداف اعتبارا من ليل الخميس/ الجمعة 17-3-2011 على مواقع للجيش الليبي بمجرد الحصول على موافقة من الامم المتحدة باستخدام القوة.


وقبيل ساعات من القرار المنتظر قالت مصر الخميس 17-3-2011 إنها لن تشارك في أي تدخل عسكري في ليبيا.


وقالت منحة باخوم المتحدثة باسم وزارة الخارجية المصرية لرويترز، إن مصر لن تكون من بين الدول العربية التي قد تشارك في عمل عسكري في ليبيا.


وكانت باخوم ترد على تعليقات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي زارت مصر قبل توجهها الى تونس حيث تحدثت عن دور عربي محتمل. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن اي تدخل يمكن ان يشمل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودولة عربية أوأكثر.

الخميس، 17 مارس 2011

عبود الزمر:السادات لم يكن وحده المستهدف في حادثة المنصة

دبي - العربية.نت

قال القيادى الجهادى عبود الزمر المكنى بـ"أبو عبيدة"، الذى قضى فى السجن 30 عاماً على ذمة قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات؛ إنه ورفاقه قرروا الخروج على الرئيس الراحل أنور السادات والانقلاب عليه، بعدما أفتى عدد من العلماء بخروجه عن الملة.

وكشف الزمر، ضابط المخابرات الحربية السابق، لصحيفة "الشروق" المصرية في عددها الصادر الأربعاء 16-3-2011، أن عدداً من العلماء أجازوا لهم الخروج على السادات، وفى مقدمهم الشيخ ابن باز والدكتور عمر عبدالرحمن والشيخ صلاح أبو إسماعيل، مضيفاً: "هنا جاء دورى كرجل عسكرى للتدخل وتنفيذ هذا الخروج وفق معطيات الواقع".

وأكد الزمر أن "عملية الاغتيال لم تكن تستهدف السادات بعينه، بل كل الموجودين على المنصة، بدليل أن المنفذين استخدموا القنابل اليدوية وليس الرصاص"، على حد قوله.

وأشار إلى أنه لم يكن موافقاً على التنفيذ فى هذا التوقيت، وقال: "لو كنا نريد التخلص من السادات قبل المنصة لفعلنا، فأحد أفراد الحراسة على مقر السادات كان من رجالنا، ولو كلفناه لأطلق عليه النار من على بعد 20 متراً".

وأكد الزمر أن سياسات السادات الخاطئة داخلياً وخارجياً سرعت في عملية اغتياله، حيث تحدث عن استهانته وسخريته المتواصلة من العلماء وإهانته للزى الإسلامى، وتوقيعه لاتفاقية كامب ديفيد بشكل منفرد, و"كأنه أخذ التوكيل من الأمة العربية والإسلامية"، على حد تعبيره.

وعن المرحلة المقبلة، قال الزمر: "سيتم إطلاق حزب سياسى يعبر عن تنظيم الجهاد يضم قيادات التنظيم وكوادره وعدداً من أعضاء التيار السلفى، هذا بالإضافة إلى الحزب الذى أعلنت الجماعة الإسلامية عن تأسيسه".

واعتبر الزمر أن ثورة الشعب المدنية ليست وحدها كفيلة بتغيير أو سقوط النظام، وأشار إلى أن ثورة 25 يناير لم تكن سلمية فقط، بل استخدمت فيها القوة، والتحق الجيش لدعم الثورة, مشيراً إلى أن تلك القوة كان من الممكن أن يستخدمها مبارك ضد الثوار، لكنها رفضت وانحازت للناس.

العربية: الثوار ينفون سيطرة قوات القذافي على أجدابيا

الأربعاء، 16 مارس 2011

سيف الإسلام القذافي: القضاء على المعارضة خلال يومين



http://ara.reuters.com/resources/r/?m=02&d=20110316&t=2&i=363913785&w=&fh=&fw=&ll=192&pl=155&r=2011-03-16T102404Z_01_ACAE72F0SWC00_RTROPTP_0_OEGTP-LIBYA-SAIF-MY5باريس (رويترز) - قال سيف الاسلام ابن الزعيم الليبي معمر القذافي لقناة تلفزيون يورو نيوز ومقرها فرنسا يوم الاربعاء إن القوات الليبية تقترب من معقل المعارضة المسلحة في بنغازي وان كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة.
وسئل ابن القذافي عن المناقشات الجارية في المحافل الدولية عن فرض حظر جوي قال ان العمليات العسكرية انتهت وان كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. واعلن ان القوات الليبية اصبحت قريبة من بنغازي وان اي قرار سيتخذ سيكون متأخرا.

صحيفة تقدمي تنشر تفلصيل المحاولة الإنقلابية الفاشلة لعام1981

6 مارس 1981 (الحلقة الأولى) طباعة ارسال لصديق
16/03/2011 - 05:57

تفاصيل تنشر لاول مرة عن المحاولة  الانقلابية الفاشلة لكادير وأحمد سالم ولد سيدي ورفاقهما وتنفيذ حكم الإعدام فيهم

إعداد: الخليل بومن/ حنفي ولد دهاه

كثيرون يجهلون كثيرا عن محاولة الـ  16 مارس 1981 الانقلابية الفاشلة.

وجدل كثير أثارته مواقف وتصريحات من الانقلاب، الذي قلب ظهر المجن في أمور كثيرة،  فالمصطفى ولد اعبيد الرحمان (أحد رموز "التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية" التي وُصفت حينها بأنها الجناح السياسي للانقلاب) لم يجد في نفسه غضاضة من أن يصرح أن قادة المحاولة مجرد انتحاريين أساؤوا كثيرا لعلاقة الحركة بالمملكة المغربية.

باب من أبواب الجحيم فُتِحَ علي مصراعيه في وجه نظام محمد خونه ولد هيداله في يوم 16 مارس من العام 1981، وقادة محاولة الانقلاب تم إعدامهم (حسب محاميهم) بعد محاكمة صورية مثلوا خلالها أمام محكمة العدل الخاصة (استثنائية)، و لحد الساعة لم يستسلم ذووهم جثثهم، ولا عرفوا مكان دفنهم أو إن كانوا  قد دُفِنوا أصلا.. ذووهم لا يزالون يطالبون بتحديد مكان دفنهم وبالسماح  لهم بزيارتهم، أو بنقلهم إلى حيث تتأتي لهم زيارتهم. كما يطالبون أيضا  بردّ الاعتبار لهم: مطالب لم تجد حتى الآن تعاطيا رسميا ...

 

رأس الحربة

ولد في النعمه  بعام 1941 لأسرة ابَّ ولد عبد القادر طفل سماه والداه  "محمدا" قبل أن تعاد تسميته  على الكبر "كادير" .

بدا الطفل وهو يدرج مدارج صباه الأولى مولعا، شغوفا بـ"العسكرية"؛ فكان يهمل  العناية بإبل أهله في متابعاته المبهورة باللتدريبات العسكرية للجنود الفرنسيين في قاعدة النعمه. وقد أخذ بنفسه مبادرة الانضمام للجيش، فقام بإرسال "تعهد" لرئاسة الجمهورية بالخدمة في الجيش بجد وإخلاص. شاءت الأقدار أن تسقط  في يد القائد الفرنسي فرانسوا بيسلي (François Besley) الذي رد عليه شخصيا بالقبول و الترحيب وتولى أمر تفقيهه في الاجراءات المطلوبة لذلك إداريا.

بعد تكوين قصير في "مدرسة الفرسان بسومير"، أصبح كادير، سنة 1961، أول مظلي موريتاني وتم تكليفه، في العام 1962، باكتتاب جنود لـ "وحدة الجمالة بعيون العتروس" قبل أن يتم تعيينه، وهو ابن 22 سنة فقط، ممثلا لبلاده في لجنة الدفاع التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية. شغل منصب قائد المكتب الثاني في انواكشوط والقائد المساعد للجيش في أطار والقائد في أكجوجت والقائد العسكري لمدينة انواكشوط ثم حاكم بئر أم اكرين، وهو المنصب الذي غادره بعد طلبه السماح له بالانضمام لوحدة الطيران رغم أن منصب الحاكم كان يمثل حينها "ذروة أرستقراطية المناصب الرسمية". نجح في كل الاختبارات وحصل على منحة لتعلم الطيران في فرنسا، وعاد إلى انواكشوط ليتم تعيينه أول قائد عام للقوات الجوية الموريتانية. ومعه بدأ التسلح الجوي لموريتانيا التي ستحظى في السنة الموالية بمقاتلات جوية إنجليزية وأيرلندية وكندية.

تكلل مساره المهني بتعيينه، في نوفمبر 1975، مسؤول تنظيم وتنسيق الاحتفالات العسكرية المخلدة للذكرى الخامسة عشرة لعيد الاستقلال الذي تميز بعرض جوي قامت به الجوية الموريتانية لأول مرة في تاريخها. لم يتوقع، رغم أن كل الدلائل كانت تشير إلى ذلك، أن تتعرض بلاده  في أقل من اسبوعين من ذلك لاعتداء من البوليساريو في بئر ام اكرين وإينال، فانتقم لبلاده بعد الاعتداء بأسبوع واحد بسيطرته البطولية والأسطورية على مدينة لكويره، وإن كان ذلك قد أدى بالحرب إلى أن تأخذ منحى جديدا تميز بتعمد استهداف "العظم الموريتاني المكسور" والذي كان العاهل المغربي حينها يُسِر إلى زواره بأنه – أي العظم الموريتاني- "سيفر من الحرب تاركا المفتاح تحت دواسة (paillasson) الغرفة".

شنت البوليساريو، في 8 يونيو 1979، هجوما شرسا على انواكشوط لاحتلاله وبالتزامن مع ذلك كانت تحاصر في أم التونسي (80 كلم شمال انواكشوط) فيلقا موريتانيا غاصت سياراته في الرمال وعجز عن الحراك وعن الاتصال بالقيادة. اطلع العقيد كادير على الوضع من طائرته وبادر بمهاجمة العدو مركزا على حشوده وإمداداته؛ مما رفع معنويات الفيلق وسمح له بالتقدم، ثم قام وفريقه الجوي بمطاردة فلول البوليساريو وقتل زعيمها التاريخي مصطفى السيد الولي. ولا يستبعد اعل الطالب نجل كادير أن يكون الهدف من إعدام والده المتسرع هو الانتقام من هذه العملية التي أودت بحياة "الزعيم"، خصوصا أنه حُكم عليه بالإعدام سنة 1980؛ أي قبل انقلابه.

في 24 مارس 1981 انعقدت لمحاكمة المتهمين، في قاعدة اجريده العسكرية، محكمة العدل الخاصة تحت رئاسة رئيسها المقدم الشيخ ولد بيده وبعضوية الرائد صو صمبا والنقيب محمد ولد ابيليل والملازم أحمد ولد امبارك (اعتذر أحد أعضاء المحكمة؛ لأن بعض المتهمين أقارب له)، وأصدرت حكما بالسجن المؤبد مع الأعمال الشاقة على غالبية المتهمين وبالإعدام على أربعة من الضباط هم: المقدم كادير، والمقدم أحمد سالم ولد سيدي والملازم انيانغ مصطفى والملازم محمد ولد دودو سك. عندما نطقت المحكمة بحكمها قال كادير لرفاقه: لقد تركناكم مع أطفالنا ويجب أن تجابهوا حتى النهاية وحتى يتبين الحق.

أما المقدم أحمد سالم ولد سيدي فهو الرجل الثاني في التنظيم، وكان محل ثقة ولد هيداله الذي قام بتكليفه بالتوقيع باسم بلده على اتفاقية السلام مع البوليساريو في الجزائر. قلَبَ ولد سيدي المجن لولد هيداله بسبب سياسات هذا الأخير التي جعلت الصحراويين أكثر حظوة في خيرات موريتانيا من الموريتانيين أنفسهم، حسب تأويل أنصار ولد سيدي. ثم التحق، يوم 29 مايو 1980، بالتحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية (A.M.D). صرح أمام المحكمة بأن المسؤولية عن الانقلاب تقع على عاتقه هو وكادير، وعندما حكمت عليه بالإعدام قال لرفاقه: "لقد فعلت ما فعلت من أجل موريتانيا وأنا غير نادم عليه، فأنا في سبيل وطني مقتنع بأي مصير ينتظرنني". كان عشية إعدامه يغط في نوم عميق، فتعجب زملاؤه من رباطة جأشه. ويبدو أن الإيمان بالقدر كان سمة غالبة في محيطه، فقد اقترح البعض على أرملته، مانا منت احبيب، استجداء العفو عن زوجها لدى أحد المشايخ ذوي الحظوة عند هيداله، لكنها رفضت قائلة إن "هيداله لا يحيي ولا يميت" وإن "الأمر بيد الله" وإن "التاريخ لن يسجل أن أحدا ما شُفِّع في والد أبنائها". كما تنم ايضا الرسالة التي كتب لها ساعات قبل إعدامه عن عقيدة وايمان راسخ، وعن حضور  لم يجعله ينسى ديونا لدى صاحب دكان بيع بالتقسيط، لم تكن تبلغ حسب بعض أقاربه ستين الف أوقية.. إلا أن الرسالة تأخرت كثيرا في الوصول لأرملته مانه بنت حبيب، التي لم تستلمها إلا بعد 25 عاما من كتابتها.

أما الملازم انيانك عيسى، الملقب صلاح، المعروف ب "انيانغ مصطفى" فقد كان من أبرز الانقلابيين، ويبدو أن إعجابه بولد بوسيف وعلاقته الحميمة به كانت الدافع وراء انضمامه لهم. فقد توطدت العلاقة بينهما عندما أوقع القائمون على المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة حيفا وظلما على انيانغ لم يجد من يرفع عنه الا المرحوم ولد بوسيف . الجميل الذي  كان له وقع في نفس انيانغ مصطفي جعله يصرح مرة لأحد الضباط  أن نفسه تهون لديه في فداء ولد بوسيف  .

 ويتردد أن انيانغ  التحق بكادير في المغرب في 14 أغشت 1979  سعيا منه للانتقام لولد بوسيف الذي توفي قبل ذلك، في حادثة سقوط طائرته

أما الضابط الرابع الذي تم إعدامه فهو الملازم محمد ولد دودو سك الذي لم يحضر المحاكمة بسبب إصابته بجروح خطيرة يوم الانقلاب جعلته يخضع لعملية معقدة. عندما حُكِم عليه بالإعدام حضر عسكريون إلى المستشفى لانتزاعه من سرير المرض لتنفيذ الحكم عليه، فرفض الطبيب الفرنسي تسليمهم إفادة خروج له، فتدخلت السفارة الفرنسية واستبدلته بطبيب آخر قام بتسليمهم إياها. تم تنفيذ الحكم عليه وهو خارج للتو من غرفة العمليات لما تندمل جراحه بعد.

 

الخطيئة الأزلية

في العاشر من يوليو 1978 أطاح ما سمي يومها بـ "اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني"، بقيادة قائد أركان الجيش محمد المصطفى ولد محمد السالك، بالرئيس الموريتاني الأول المختار ولد داداه. كان تعيين كادير، الذي لم يشارك في الانقلاب ولم يكن عضوا في اللجنة، في منصب قائد الأركان الخاصة برئاسة الجمهورية، من أولى القرارات التي اتخذها الانقلابيون.

لا يتضح موقف كادير من هذا القرار الذي كان القصد منه -كما يبدو- تحجيم شخصيته من مظلي-طيار كانت تمتد طموحاته أبعد من الأفق الذي كان يمخره بطائراته إلى مجرد "ضابط مكتباتي". و لكن يمكن افتراض أن كادير قبِل بذلك تحت تأثير الرجل النافذ في اللجنة حينها المقدم أحمد ولد بوسيف الذي كانت تربطه به علاقات حميمة، خصوصا أن ولد بوسيف كان يدرك مخاطر مواقفه وربما كان يدرك ضرورة البحث عن ملاك-حارس. وقد يكون سبب قبوله لهذا المنصب ايضا هو الصداقة الجيدة التي ربطته بولد أحمد لولي، والتي تجلت خاصة في رسالة استقالته التي قال فيها إنه على يقين من أن ولد أحمد لولي مستاء من الحملة التي يتعرض لها كادير...

أسفرت الحرب المعوية داخل اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني عن حل هذه اللجنة في السادس من إبريل 1979 واستبدالها باللجنة العسكرية للخلاص الوطني التي شارك فيها العقيد ولد عبد القادر لأول مرة؛ حيث شغل منصب الوزير المكلف بالأمانة الدائمة للجنة. لم يمض في المنصب سوى 5 أسابيع حتى قدم استقالته التي رفضها الوزير الأول ولد بوسيف الذي كان على موعد مع الموت بعد ذلك بأسبوعين نتيجة تحطم طائرة عسكرية كانت تقله إلى داكار.

بعد ذلك بيومين فقط تولى المقدم محمد خونه ولد هيداله زمام السلطة، بعد عمليات تنظيف داخلية  كان ممن شملتهم حركة البعثيين الذين أرغموا على الانسحاب من الحكومة بعد "حملهم" على إذاعة القرآن الكريم عبر أثير إذاعة موريتانيا بسبب وفاة الزعيم الجزائري هواري بومدين رغم أن الدولة الموريتانية لمَّا تعلنْ آنذاك الحداد رسميا. والحقيقة أن مواقف أعضاء اللجنة العسكرية من الحرب ومن الحكم المطاح به عكست حالة "المداورة" التي عرفتها البلاد وكانت سببا رئيسيا للهزات العنيفة التي كادت تعصف بها.

في مرحلة أولى قام ولد هيداله بتوسيع تشكلة أعضاء اللجنة لتضم ضباطا له الفضل عليهم وهو ما كان يعني تمتعه بأغلبية مريحة سهلت له تمرير آرائه ورؤاه.

شغل كادير منصب وزير التعليم في الحكومة الجديدة، وهي هدية مسمومة من ولد هيداله الذي لا شك أنه كان يدرك أن خصومه صاروا يفكرون بصوت عال وأن تعيين كادير في منصب موغل في البيروقراطية (الوزارة) كفيل بـ "إبعاده"، خصوصا أن قطاع التعليم كان حينئذ يشكل أيقونة لكل الصراعات في البلد: صراع بين الإثنيات والقوميات، بين السياسيين لأدلجة الأدمغة الصغيرة، بين الإستراتيجيات التربوية، بين المستعربين والافرنكفونيين...

 

البركان يتشكل

... فجأة بثت إذاعة موريتانيا، في 17 يونيو 1979، خبرا مفاده أن كادير هرب إلى الخارج، وتبين لاحقا أنه توجه، رفقة ضابط الاتصال المغربي العقيد بن ميره، إلى السنغال، بعد تقديم استقالته لرئيس اللجنة العسكرية كتابيا، وهناك حصل من السفارة المغربية، في اليوم الموالي، على حق اللجوء السياسي بالمملكة العلوية، بعد أن وجد السفير المغربي السابق بموريتانيا، السنوسي، والمستشار الخاص للعاهل المغربي الحسن الثاني، في استقباله.

من الآن فصاعدا سينظر نظام ولد هيداله إلى محور الرباط-داكار على أنه محور شر.

قامت السلطات المغربية بإعداد سفره إلى المغرب الذي "جرى في ظروف مادية طيبة" واستقبله في المطار مدير الاتصال الخارجي بوزارة الداخلية الذي أنزله وعائلته في منزل يقع على بعد 15 كلم من الرباط ووفر له جميع وسائل الراحة، بما في ذلك طباخ ومشرف خاص على خدمات الضيافة وخدمات المنزل وسيارتان مع سائقيهما.

في 22 يونيو 1979 اجتمعت اللجنة العسكرية استثنائيا لدراسة الموقف وأعلنت "أنها أقصت ولد عبد القادر الذي فر بأملاكه وأسرته عندما تأكد من وجود أدلة قاطعة ضده تتعلق باختلاس الأموال العامة". رد كادير على هذه الاتهامات في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية قال فيه إنه لم يسبق له  تسيير الأموال العامة واصفا إياها بأنها مجرد تصفية حسابات سياسية، مستشهدا بشهادات بعض رؤسائه ومرؤوسيه السابقين.

بعد 5 أشهر من مقام العقيد كادير في الرباط استقبله العاهل المغربي الذي رحب به وقال له أن يعتبر نفسه في وطنه، ووضع تحت تصرفه مسؤولين اثنين في المخابرات هما بن سليمان وحمودي اللذين اتفقا معه على ضرورة إنشاء تنظيم معارض لنظام ولد هيداله.

قبل ذلك وقّعت موريتانيا والبوليساريو، في 5 أغشت 1979، في الجزائر على اتفاق سلام. اقتضت بنوده المعلنة الإبقاء على القوات في أماكنها، بينما اقتضى بند سري تسليم المواقع الواقعة تحت سيطرة موريتانيا إلى البوليساريو في ظرف 7 أشهر. لاحقا ستكتشف فرنسا أمر البند السري وتبلغه للمغرب الذي سيبادر بالاستيلاء على المناطق المعنية به.

 

الانقلاب على "السلام"

بعيد التوقيع على الاتفاق قام ولد هيداله بزيارة للمغرب لتفسير الطعنة التي وجهها له في الظهر. تزامنا مع هذه الزيارة أعلن كادير عن تأسيس "الجبهة الإسلامية الديمقراطية الموريتانية" وجناحها العسكري "لجنة الضباط الأحرار". اختزلت هذه التسمية أيديولوجيا المنشقين: فالإسلاميون كانوا حينها الابن المدلل للعرش المغربي الذي كان يستغلهم لضرب اليساريين، و"الضباط الأحرار" في مصر كانوا يشكلون المثل الأعلى للكثير من العسكريين العرب.

لم يرُقْ للمسؤولين الموريتانيين إردافُ وسائل الإعلام لخبر زيارة ولد هيداله للمغرب بخبر إنشاء تنظيم ضده، خصوصا أن الصحافة المغربية تعمدت نشر تصريحات أعضاء التنظيم وبياناتهم كاملة مع التباهي برتب العسكريين منهم. وبالتعاون مع المخابرات المغربية اكتتب كادير 10 ضباط وضباط صف موريتانيين أرسلهم إلى المغرب.

في 27 مايو 1980 أعلن، من باريس، مناوئون لنظام ولد هيداله، وفي طليعتهم "الميثاقيون" و"الجبهة الإسلامية الديمقراطية الموريتانية" وجناحها العسكري عن تأسيس "التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية (AMD)" الذي تضمن إعلانه أن "السبيل الوحيد لإنقاذ موريتانيا يمر حتما بعودة الجنود إلى ثكناتهم".

رد نظام ولد هيداله على هذه الطعنة في خاصرته بفتح قضية قضائية أمام محكمة العدل الخاصة (محكمة عسكرية) ضد الرئيس الأسبق المختار ولد داداه وكادير وآخرين. حكمت المحكمة، يوم 21 نوفمبر 1980، على الأول بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة وعلى الثاني بالإعدام.

 يمكن القول الآن إن الأطراف وصلت إلى نقطة اللاعودة.

كانت العلاقات الموريتانية-المغربية تشهد أسوأ فتراتها: قام هيداله بطرد المغاربة من بلاده. قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فشلت مساعي السعودية لإعادة الدفء لها. لم يفلح "لقاء الطائف" الذي اكتفى بكسر الجليد عنها وبإعادة العلاقات الدبلوماسية الرسمية.

شهد شهر مارس 1981 حربا إعلامية بين البلدين، تكللت ببيان صادر عن مجلس الوزراء الموريتاني يوم 12 مارس 1981 قال فيه إن الوزير الأول سيد أحمد ولد ابنيجارة قدم عرضا "عن الوضع الناجم عن حملة الافتراءات الموجهة لبلادنا منذ عدة أيام من طرف الصحافة الناطقة باسم المملكة المغربية و(عن) نوايا الملك الحسن الثاني الأكيدة من شن عدوان ضد موريتانيا". البيان قام بتحذير "المغرب من مغبة أي مغامرة طائشة سيتحمل وحده تبعاتها ولن تؤدي إلا إلى إشعال النار في جميع أرجاء المنطقة وستكون نتائجها خطيرة بالنسبة للمغرب العربي وإفريقيا والسلام العالمي".
بادر الوزير الأول المغربي بإصدار بيان في الساعات الأولى من اليوم الموالي قام فيه بتفنيد "المزاعم الموريتانية". وفي يوم 14 مارس أدلى وزير الخارجية المغربي محمد بوسته لإذاعة فرنسا الدولية بتصريح قال فيه: "إن المغرب لن يبقى مكتوف الأيدي إزاء هذا الوضع" وأردف أنه "ليست لدى (المغرب) أية نوايا في التدخل في شؤون موريتانيا".

 

رافعة الشاحنة شغالة

تزامنا مع ذلك كان الغول يزحف نحو انواكشوط. كان الكوماندوز قد خضع قبل ذلك لتدريب عسكري مكثف في قاعدة بن اغرير العسكرية قرب مراكش دام ثلاثة أشهر وأشرف عليه ضباط مغاربة متخصصون من اللواء المغربي السادس ومن الهندسة العسكرية، وتولى تأطيرهم كل من النقيب الشرقاوي، الملازم علال، والرقيب طيبي، والرقيب روبيي.

بعد التدريب غادر الانقلابيون، وهم يحملون جوازات سفر مغربية تسلمها منهم بن سليمان في داكار، في ثلاث مجموعات يقود كلا منها ضابط مغربي. وصل كادير داكار عن طريق جنيف يوم 26 فبراير 1981، والتحق به الأفراد الآخرون عن طريق باريس في الفترة مابين 12-14 مارس. كان في استقبالهم كل من بن سليمان وحمودي اللذيْن نقلاهما في سيارتين من طراز "بي أم دوبل في" إلى نقطة تبعد 6 كلم جنوب مدينة سان لويس (انْدَرْ) السنغالية؛ حيث كان رجل الأعمال الموريتاني، حابه ولد محمد فال، مكلفا بنقلهم في سيارة شحن من طراز بيجو 404 إلى نقطة التجمع وهي عبارة عن مخيم أعد سابقا وأودعت فيه أسلحة وذخيرة كان قد تم نقلها في حقائب دبلوماسية مغربية على متن الجوية الملكية المغربية.

أعطيت التعليمات ووزع  المهام كل من كادير وولد سيدي وولد محمد فال، الذي حرص تقرير الرئاسة عن المحاولة الانقلابية على وصفه بـ "التاجر" بدل "رجل الأعمال".

في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 15 مارس 1981 غادر الكوماندوز نقطة التجمع على متن سيارتي شحن من طراز 404 -504 ووصل في الساعة السابعة إلى ضفة النهر السنغالي وكان في انتظاره في الضفة الموريتانية سيارتا لاند روفير أعدهما ولد محمد فال. استقل السيارةَ الأولى كادير وانيانغ مصطفى وابراهيم ولد اعلي واسماعيل ولد محمدو ويعقوب ولد اشفاغ العالم، بينما استقل الثانيةَ كل من ولد سيدي وولد دودو سك وابراهيم فال ولد عيدلها وأحمد ولد انديات والداه ولد محمد لعبيد.

وكان القائم علي السيارات ولوازمها ابن عم حابه ولد محمد فال وأحد عماله: محمد الامين ولد محم.

في الساعة التاسعة والنصف مساء أخذت المجموعة طريقها إلى انواكشوط مرورا باركيز فبوتلميت. وصلت توجنين عند الساعة السادسة صباحا، توقفت ثلاث ساعات ونصفا جنوب الهندسة العسكرية لتناول الشاي وتنظيف الأسلحة والقيام بالتنسيقات الأخيرة قبل أن تتحرك نحو الهدف.

 

وفتح الجحيم ابوابه..!

بحسب اعترافات كادير، فإن العملية بدأت العاشرة صباحا. لم يطلع ولد سيدي على تفاصيل العملية إلا في اللحظات الأخيرة وإن كان يعرف أن الهدف هو الإطاحة بالنظام وأن كادير هو القائد وأنه-هو نفسه- المساعد.

كانت الخطة الرئيسية تتضمن اعتقال أعضاء اللجنة التي كان من المفترض أنها ستجتمع هذا اليوم، وإن حكى ولد هيداله أنها كانت تتضمن "القضاء على أعضاء اللجنة ورئيس الحكومة وأعوانه كخطوة أولى وفي الخطوة الثانية الاستيلاء على قيادة الجيش والإذاعة وإذاعة البيان". بينما اقتضت الخطة البديلة، التي يتم تنفيذها في حال عدم اجتماع اللجنة، أن يتوجه فريق كادير إلى الرئاسة ويعتقل ولد هيداله ويحتل قاعة الاجتماعات بينما يقوم فريق ولد سيدي باعتقال ولد ابنيجاره وجلبه إلى القصر الرئاسي، وأخذ الرأسين كرهينة للتفاوض عليه مع العسكريين الآخرين لضمهم، ثم تتم السيطرة على قيادة الجيش والإذاعة وينشر البيان الذي قال عنه ولد هيداله إنه لو أذيع "فإنه يمثل الإشارة المنتظرة لتدخل الجيش المغربي".

تفاجأ الكوماندوز بعدم انعقاد اجتماع اللجنة وبعدم وجود أي أثر للهدفين (ولد هيداله وولد ابنيجاره). انتقلوا تلقائيا إلى المرحلة الثانية. بقي ولد انديات وولد دودو سك وولد اعلي وولد محمد لعبيد في الرئاسة وتوجه الباقون نحو قيادة الأركان. بدأ كادير بحشد تأييد الضباط تحت التهديد والتوعد والكلام النابي أحيانا، واقتحم ولد سيدي وولد عيدلها مكتب قائد الأركان، المقدم معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. وجه ولد سيدي اتهاما لولد الطايع بخيانة موريتانيا بتعاونه مع هيداله، فرد عليه ولد الطايع بأنه لم يكن لديه خيار. تمت السيطرة على ولد الطايع وحوالي عشرة ضباط آخرين من بينهم الرئيس اللاحق للجمهورية المقدم اعل ولد محمد فال.

توجه ولد سيدي وانيانغ وآخران إلى الإذاعة لتلاوة البيان رقم 1. وجد ولد سيدي أحد الصحفيين في أحد المكاتب فخاطبه: يا فلان، ويبدو أن الزميل الذي أفقدته المفاجأة إدراكه نسي اسمه الشخصي فبادر بسؤاله إن كان يعنيه هو، فأجابه نعم أعنيك أنت ألست فلانا (وسماه باسمه) ؟ فأجابه الصحفي: بلى أعتقد أني فلان... انفجر ولد سيدي ضاحكا. اكتفى فنيون في الإذاعة بتشغيل البث الداخلي، فتلا ولد سيدي البيان وهو يظن أن البث الخارجي مشغل، وبذلك أنقذ فنييوا الاذاعة نظام ولد هيدالة.

أما كادير فقد أخذ ولد الطايع وولد عيدله وهموا بمغادرة قيادة الأركان نحو المنطقة العسكرية السادسة، إلا أنهم فوجئوا فور خروجهم منها بوابل من النيران فعادوا أدراجهم وأصيب ولد الطايع بجروح في جناحه. وجه له كادير أمرا بأن يتصل بسفير فرنسا بانواكشوط ويخبره أنه رهينة لدى كوماندوز مسلح قام بانقلاب ناجح وأن ولد هيداله هرب إلى جهة مجهولة ويطلب من فرنسا عدم التدخل. امتثل ولد الطايع، بيد أن السفير ماطله بذهاء وقال له إن فرنسا ستوافيه بجواب إيجابي بعد ساعة.

 قامت وحدات من الجيش بإطلاق كثيف للنيران ومسيلات الدموع عبر نافذة مكتب قائد الأركان، فهمّ كادير وولد الطايع وولد عيدله بالذهاب ثانية إلى المنطقة العسكرية السادسة.

طوَّق المقدم اعل ولد محمد فال العقيد كادير محاولا انتزاع سلاحه منه، فالتف عليه الأخير بحركة أوراكن دائرية ورماه بعيدا وقال له: أتحسب أن ضابطا صغيرا في مثل سنك يمكن أن ينتزع سلاح عقيد في مثل سني ؟ همّ انقلابيون بإطلاق النار على ولد محمد فال لكن كادير نهرهم كما نهر ولد سيدي انقلابيين آخرين في الإذاعة هموا بإطلاق النار على موالين للنظام.

دخل الانقلابيون في اشتباك مع النظاميين مما جعل الدخان داخل مكتب القائد يحجب الرؤية. استغل ولد الطايع الفرصة وقفز من النافذة، وبدا أن كادير تأكد بذلك من الفشل النهائي للانقلاب. عند انفلات الفريسة من مخلب الصقر.. قامت الوحدات النظامية بإطلاق قذيفة ضخمة على المكتب أشعلته ولم يبق لكادير وزملائه سوى الاستسلام.

بعد ساعات من المحاولة الانقلابية ألقى الوزير الأول ولد ابنيجاره خطابا نسبها فيه إلى كادير وولد سيدي اللذين وصفهما بأنهما "إرهابيان"، "شكلا كوماندوزا انتحاريا للاستيلاء على السلطة والإطاحة بنظامنا" تنفيذا لـ "أوامر من أسيادهم المغاربة".

 

لماذا فشل الانقلاب ؟

لا شك أن لفشل انقلاب 16 مارس أكثر من سبب، ليس أقلها أهمية وقوفُ الجزائر القوي إلى جانب حليفها هيداله، وعدم وجود جبهة داخلية موالية، وإنزال الانقلابيين؛ بمعنى أنهم ما كانوا يتقلدون مهاما رسمية تتيح لهم إنشاء جبهة داخلية ولو في الوقت بدل الضائع.

كما يبدو أن الجزائر، التي علمت بالمحاولة عن طريق الضابط المغربي الدليمي المعروف بمعارضته لنظام الحسن الثاني، أعلمت الرئيس هيداله بالمحاولة الانقلابية وتاريخها دون إعطائه المعلومات الدقيقة التي لم تكن قد حصلت عليها. اعتقد الجميع أن الأمر يتعلق بمحاولة انقلابية واسعة ستأخذ شكل تمرد أو سلسلة تمردات متزامنة وأن صدها يتطلب مناورة كبيرة، فقاموا، نظرا لضيق الوقت، بـ "تهريب" الرئيس إلى افديريك لإعادة ترتيب الأوراق وصد قوات مغربية قد تحتل موريتانيا - أو أجزاء منها – عند ساعة الصفر (قال أحد الانقلابيين إن المحققين لم يكفوا عن سؤالهم عما إذا كان برفقتهم قوات مغربية). ولهذا لم يجد الانقلابيون مقاومة في الساعات الأولى لاعتقاد النظاميين أن الأمر يتعلق بعملية واسعة النطاق، في حين استماتوا في الدفاع عندما أدركوا أن الأمر لا يعدو كونه تصرفات "هواة".

 

هل كان في اللجنة طابور خامس ؟

رغم فشلها الحتمي بسبب طابعها الارتجالي، فإن السؤال الذي يطرحه أي مراقب سياسي في مثل هذه الظروف هو: هل كان الكوماندوز يعتمد، داخل النظام، على طابور خامس جبُن أخيرا عندما علم أن ولد هيداله لم يتم التخلص منه وأنه سيأتيهم من حيث لا يحتسبون ؟

من المعروف أن النقيب ابريكه ولد امبارك، وكان عضوا في اللجنة العسكرية، صرح أن بعض أعضاء اللجنة، وخاصة الرئيس الأسبق ولد الطايع والعقيدين ولد معيوف وولد لكحل، لم يرُقْ لهم تصويته- أي ولد امبارك - ضد إعدام كادير ورفاقه وأن هذا التصويت جعلهم يبعدونه عن الواجهة وعن مراكز اتخاذ القرارات. ومن المعروف كذلك أن الانقلابيين كانوا ينوون تعيين العقيد فياه ولد معيوف رئيسا للجمهورية. فهل يعقل أن يضحي هؤلاء بأنفسهم ثم يقومون بمنح المكاسب لرجل آخر ليس شريكا لهم ؟

تقول مصادر فاعلة في هذه المحاولة  إن هؤلاء الضباط وآخرين معهم كانوا على تنسيق جيد مع كوماندوز كادير وإنهم اتفقوا وإياهم على الانضمام إليهم بعد السيطرة على الوضع كما اتفقوا معهم على تعيين ولد معيوف رئيسا للبلاد، وهو ما جعلهم، وهم مقربون جدا من ولد هيداله، يقنعونه بتسريع إعدامهم حتى لا يقومون بإفشاء سر علاقتهم بهم. ويدعم ما ذهبت إليه هذه المصادر كون العقيد كادير وجد فرصة سانحة لتصفية بعض هؤلاء الضباط ولم يفعل.

معروف كذلك أن قائد الجيش حينها، المقدم معاوية ولد سيد احمد الطايع، كان على علاقة وطيدة بكادير وكانا يتبادلان الزيارات العائلية، وتجسدت الحميمية بينهما بشكل واضح في الزيارات المتعددة التي قام بها كادير لعقيلة ولد الطايع، الراحلة سادية كامل، عندما كانت تتواجد في باريس للعلاج أياما قليلة قبل 16 مارس، وذلك رغم بعد الشقة المفترض بينهما. ولا تستبعد مصادرنا أن تكون عقيلة ولد الطايع الراحلة، المعروفة بنفوذها وسلطتها عليه، لعبت دور الوسيط بين كادير وولد الطايع لجره للانضمام إلى الانقلابيين، وقد تكون تلقت منه إشارات رضى ربما نقلتها إلى كادير الذي قد يكون حدَّد على أساسها ساعة الصفر.

إن مصلحة ولد الطايع، المعروف بدهائه ومكره السياسي، كانت تملي عليه حينها إرسال إشارة رضى لكادير للاستفادة من أي سيناريو سيتحقق. فباستدراجه له يقدم خدمة كبيرة للنظام (أقل المهاجمين خطرا القريب جدا من هدفه) وبتضخيم الخطر الداهم والحالّ سيأخذ ولد هيداله حذره وتمر المحاولة عليه بردا وسلاما. فإذا اتضح لولد الطايع نجاح الانقلاب فمن السهل عليه الالتفاف على تعيين ولد معيوف ليحل محله، اما إذا تبين له عدم انسجام الانقلابيين فمن السهل عليه إقناع ولد هيداله بأنه من أجهض المحاولة، وضغط عليه لإعدام "مرتزقة الرباط"، واتخذ من الهاجس الأمني ذريعة لتطويق ولد هيداله ثم الانقلاب عليه.

تشير الأحداث إلى تبني هذه الإستراتيجية؛ إذ أعدم الانقلابيون بسرعة قياسية وأصبح ولد هيداله- كما صرح هو نفسه بذلك- مختل التوازن، ينظر للأمور بريبة غير مبررة ومن زاوية أمنية بحتة، الأمر الذي أفقده القدرة على تقدير المواقف المناسبة من القضايا السياسية والأمنية وحتى الاقتصادية. خصوصا أن ولد هيداله صرح كذلك أنه يعتبر أنه سقط يوم 16 مارس 1981، وإن كان المسمار الأخير في نعش نظامه دقه الرئيس ولد الطايع يوم 12 دجمبر 1984.

ونفس الإستراتيجية قام بتطبيقها من انقلبوا على ولد الطايع عندما قاموا بتطويقه بعد إنقاذهم إياه من محاولتي يونيو 2003 وأغشت 2004 اللتين جعلتاه يفقد توازنه ويشك في كل شيء. ولا شك أن قيامه شخصيا، عندما كان يحضر مؤتمر الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، وبشكل مفاجئ، بالاطلاع على الإجراءات المتخذة لتوفير الأمن لقادة أركان دول الساحل المجتمعين في قصر المؤتمرات بانواكشوط في يوليو 2005 (أي بعيد عملية لمغيطي) عكَس – بصدق - الهاجس الأمني لديه وشكل توبيخا للقادة الأمنيين، وخاصة لقائد كتيبة الأمن الرئاسي (المسؤولة عن أمن قصر المؤتمرات) وللمدير العام للأمن الوطني (المسؤول عن أمن البلاد) اللذين سيكونان في طليعة المنقلبين عليه يوم 03 أغشت 2005.


التحقيق بالتعاون بين صحيفة تقدمي الالكترونية وصحيفة الخبر

المصدر:صحيفة تقدمي الالكترونية


الثلاثاء، 15 مارس 2011

نهاية الجيش الموريتاني/ أبو العباس ولد برهام



 

 

في صيف 2008، انتهى الجيش الموريتاني كرمز للوحدة الوطنية وترجل، تقوده فئة من خارج الأركان العليا، إلى ساحة المعركة السياسية وأخذ مواقعه متخندقا مع طرف ضد آخر. تخلى عن تعاليه.  شهد ذالك الصيف أول مرة في تاريخ البلاد لا يسفر فيها الانقلاب عن تجاوز الصراع السياسي القائم إلى آخر جديد بل يتم فيه تكريس الأزمة. تحول الجيش الجمهوري إلى حزب سياسي و حدد موقفه السياسي من الخريطة القائمة.
في الأيام اللاحقة ناور الجيش سياسيا في ترجيح كفة سياسية ضد أخرى بالقوة والمال والتحالفات الميكيافلية فقط ليؤكد طرفيته وسياسيته.  
اليوم تماهي قطاعات واسعة من المجتمع نفسها مع مشروع معاد للجيش. اليوم يثير الجيش الموريتاني قلق شرائح عريضة بدل أن يحسها بالدفء والحماية. اليوم يعرف الجميع أنه لو لم يوجد هذا الجيش لما كانت هنالك أزمة سياسية أبدا. اليوم لم يعد عاقل يشكك في أن هذا الجيش عائق أمام الدمقرطة والتنمية؛ واليوم، على عكس كل العالم، يتمنى الكثير هنا لو لم يكن هنالك جيش أبدا.
-2-
عندما ينتشر الجيش في السياسة تنتهي المحددات المدنية للدولة. في كل المخيال الإنساني هنالك خوف على الحياة المدنية من "الجيش": في المخيال الديني هم ياجوج و ماجوج: ثكنة توجد في الثغر، تحفر بجد لانهاء الحياة المدنية. في الميتولوجيا هم العنقاوات والتنانين التي تنفث النار في أعقاب البشر المهرولين في كل الاتجاهات. ملحمة العمالقة الإغريقية تعلمنا أن المدينة ستكون ضحية الجيش. المدينة هي مكان أناس بسطاء ينظمون أمرهم (بشكل غير جيد طبعا، ولكنه ينظمونه على كل حال). ولكن ذات ليلة سيغزو المدينة جيش من المخلوقات الضخمة، كريهة المنظر والرائحة. حيوانات شريرة بشكل لا يصدق. سيندفعون محطمين المساكن والبيوت ويحرقون السنديان والبلوط، يكورون جلاميد الصخور ويدحرجونها بقوة في اتجاه البيوت الآمنة. عصر من عدم اليقين و الخوف سيسود بمقدم الجيش: نهاية النظام و التعقل والتمدن.
-3-
يحدث غزو الجيش للمدينة بانمساخ قيمي يحول العسكري من بطل إلى بهلوان. لننظر في قصتين رمزيتين من التاريخ القريب للضباط.
1-ذات مرة هنا كان هنالك ضابط يشحذ مديته لإنهاء الطاغوت العسكري-المتمدن الذي يجثم على صدر شعبه. أتذكرون؟ ظهر فجأة عندما اشتد الظلام واشرأبت الأعناق. ظهر من بين الغمام،عريض المنكبين، مفتول العضلات، وكان أملا في التغيير، الوحيد الذي جعل فرائص الشاه ترتعد. ذالك الضابط ماذا حل به؟ اكتفى فجأة بالفتات، و آوى بصمت إلى قعر مظلم وسكن فيه. اليوم يعرف كل أحد في هذه البقعة أن ذالك الضابط لم يعد يمثل أي حلم للثورة. انتهى في القعر.
في الأسبوع الماضي جلس الضابط الأسطوري في وسط الإعلام الرسمي متحدثا باسم الأغلبية التي أراد يوما الثورة عليها ومهاجما المعارضة التي أتى لإحقاق برنامجها بالقوة بحجة الفوضى. اللغة حيوان زئبقي بشكل لا يمكننا تصوره: الانقلاب (لغويا يعني الفوضى) ليس فوضى: الفوضى هي الاحتجاج عليه.
 إن هذه القصة، قصة تحول مفهوم الفوضى، التي هيالوجه الآخر لتحول مهاجم الأغلبية إلى مدافع عنها وتحول الثوري إلى المداهن- التي هي نفسها أيضا قصة تحول الضامر الجلف إلى المكتنز الراقي- هي رمز لقصة كيف تحول الجيش من "حاميها لسارقها". هذه هي قصة كيف تحول المنكب إلى بطن.
2-مثل القصة أيضا هي قصة الضابط الآخر الذي دفع بالديمقراطية قدما عندما كان عقيدا ثم دفع بها أرضا عندما صار جنرالا: الجنرال الذي فتح مصيرا واعدا لبلده في 2005 ثم ألقى بكل البلد في قمامة الازدراء والسخرية بعد ثلاثة أعوام في قضية كرامة شخصية لا علاقة لها بالمسار الافتراضي لشعب يحترم نفسه.
 إن قصص تحول الأمل إلى يأس وانقلاب الثورة إلى غباوة هي اختصار سريع لقصة الجيش والسلطة في موريتانيا.
-4-
دعونا نختطف هذه العبارة من الباكستانيين بدافع الأحقية: "في جميع بلدان العام تمتلك الدولة جيشا أما عندنا فالجيش يمتلك دولة".  وهنا عكس العالم حدث هذا الامتلاك نتيجة فشل دولة الحداثة وليس تحديثا لها. وفي تركيا و أميركا الجنوبية مثلا اضطلع الجيش بمهمة تحديث الدولة في إطار ديكتاتوري تغريبي (ولكن إعماري) وعادى الكيانات المعادية للحداثة بشكل متطرف أما هنا فكانت سيطرة الجيش عودة لما قبل دولة الحداثة حيث تأخذ السلطة بالغلبة، الذي هو مبدأ تبادل السلطة في الإمارات الموريتانية ما قبل الاستعمار (كان المبدأ يسمى في حينه بـ"الغدرة"). وترتبط تاريخية الانقلابات الموريتانية وترسخها في الوعي الجمعي لقرون بالدولة نفسها. وفي حقيقة الأمر فإن يوسف بن تاشفين قام بانقلاب على أبو بكر بن عامر (تسميه إحدى الموسوعات الغربية الجنرال أبوبكر). وإن نموذج "الغدرة"، عملية انتقال الإمارة في نظام السلطة عند "حسان" (الأرستقراطية العسكرية التي ورثت الجيش الموريتاني، لدواعي التخصص)، كان نسخة طبق الأصل من انقلابات الجيش الموريتاني "المجيد".
-5-
إن قصة الجيش هنا رهيبة بحق، وهي قصة الوحش الذي أناخ قرب مخيم الأسر البريئة ثم نصب نفسه حاميا للحريم و أصبح لا بد من تقديم قربان له كل يوم. وفي جميع العالم حدث تدخل للجيش في السلطة. بل وإن تاريخ الديمقراطية الحداثية هو تاريخ التحرر التدريجي من تدخل القوة والإكراه في السياسة. ولكن في هذه الأرض يصر الجيش وسياسيون محترمون أنه لا يمكن تداول السياسة دون استدعاء الجيش.
-6-
الأدهى أنه لا يمكن الحديث بغير الإشارات عن الوحش: القانون الموريتاني يحمي الجيش من الكلام و يمنع التعرض له حتى بالتحليل النقدي. و في مطلع التسعينيات استغرق الأمر من السلطة دروسا تكريرية لترسيخ هذه العادة: عشرات الجرائد صودرت بحجة التعرض لحرمة الجيش، وعشرات المواطنين سجنوا وحقق معهم بتهمة إضعاف معنويات الجيش. ولقد حول الرقيب الموريتاني الجيش الجبار إلى طفل هش النفسية يجب تكميم فم كل من يتحدث عنه نقدا حتى لا يموت كمدا. 
ومن ناحية أخرى هب عشرات المثقفين بالماركة العسكرية المسجلة إلى تمجيد حضور الجيش في السياسة بالحجج التقليدية: نظامية الجيش واحترافيته ووطنيته في مقابل فساد وفوضوية وعمالة  السياسة المدنية. آلاف الأيدي المؤيدة صفقت لأعمال غبية لمجرد أن الجيش- الوطني نظريا- قام بها. ولقد سمحت حجج كهذه بتأمر التفاهة بأسوأ مما نعتقد.
-7-
لا يمكن هنا فهم تدخل الجيش في الدولة بأي منظور مقارن. في جميع العالم قفز الجيش للسلطة نتيجة تورط الدولة في صراع وجودي مع دول أخرى، وقفز الجيش لتولي الشأن الخارجي واختطافه من الحكومة. حدثت هذه القصة في جل إفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية. وسنفترض أن انقلاب 1978 كان في هذا الإطار (حرب الصحراء). وإن جزء من تراجع سيطرة العسكريين على السياسة في بقية دول العالم هو سيادة كيان أممي يضمن حل الأزمات بين الدول في شكل مقررات تفرض نفسها، إضافة إلى نهاية الحرب الباردة التي كانت تحفز الصراع بين الدول وبالتالي قفز العسكر إلى السلطة. مع نهاية ذالك الاحتدام العالمي ألقى كثير من العسكريين سلاحهم وعادوا إلى الثكنات أو تحولوا فجأة إلى مدنيين. هنا يعيش الجيش خارج التاريخ ويمعن قادته النظر في جرائد الصباح بحيث يهندسون انقلابا لدى أبسط خلاف بين الرئيس وأنصاره.
                                                          -8-
تغلغل الجيش في الجسم المدني هو المسئول. تصادفت اللحظة السحرية (لحظة تراجع الجيش عالميا) مع وجود الطايع العسكري على هرم السلطة في البلاد وساعتها ذهب للدولاب وأبدل جلده دون أن يتوقف تغلغل  العسكريين في السلطة لدواعي تسكين العسكريين.
في الوقت الذي كان فيه الجميع يتبجح بأن هذا نظاما مدنيا كانت الوحوش تتسلل ببطء إلى المدينة: تم تحويل الجيش إلى كيان سياسي له حصته في التعيينات المدنية و يتم مراعاة التوازنات فيه وتعاقب المجموعات بالحرمان من التدرج فيه. تحول الجيش إلى مجموعة سياسية موازية للقبيلة والحزب ولم يتم احترام التدرج فيه لهذه الأسباب. ولدواعي أمن النظام تم خلق فئة من أهل الثقة ترتبط مصالحها بالنظام وتكلف بمراقبة تحركات الجيش من خلال عمل المخابرات العسكرية. ولقد أخل عمل المخابرات بالجيش من حيث هو مؤسسة بعيدة عن "محاكم التفتيش" السياسية، وبالتالي التسييس. وفي حقيقة الأمر فإن دخول الجيش في السياسة المدنية وفي متاهة الحركات السياسية كان قد اكتمل قبل اللحظة الطائعية ولأسباب تاريخية؛ كما أن دخول الحركات السياسية في الجيش من السبعينيات وشمولية العمل السري كمحدد أساسي للتواصل السياسي كان قد حول الجيش إلى مجرد جهاز للطموح للسلطة. (جاء في ذكريات الضابط الأسطوري أنه التحق بالجيش من أجل الانقلاب تماما كانخراط جيل القوميين الأول).
كانت التسعينيات "الديمقراطية" مهمة في فتح مجالات للتغيير خارج العمل القسري وانصرف المدنيون إلى العمل التعبوي وسياسة الأحزاب و"المبادرات" والتأييد وتجاهلوا جيش ياجوج وماجوج الذي يحفر في السد الحدودي. رغم ذالك لم يعد الجيش لتخصصه (الحماية والإعمار) بل استمر في التحول الحثيث إلى جسم مدني مواز للكيانات القائمة التي تغزوها السياسة التقليدية ويمكن تسييسها في أي لحظة. وهكذا عندما نضج الجيل الجديد من السياسيين 2008 الذين أدخلهم انقلاب الثالث أغسطس الحياة السياسية وقاموا باستدعاء الجيش في السياسة (لأول مرة بطريقة علنية من خلال تحالفهم مع أطماع العسكر في أزمة حجب الثقة) وجدوا أن شروط الاستدعاء قد تحققت قبلا بفعل "تمدن" الجيش الذي جعله جزءا من الاصطفاف القائم بفعل تغلغل "الشوائب" المدنية فيه: المصالح الإقتصادية، الإصطفاف الفئوي، المحسوبية، النفوذ الغير مؤسساتي. 

                                                          -9-
 لم يسلم الجيش من شوائب السياسة المدنية بأي حال. وهنالك سوسيولوجيون محترمون يرددون بأن اقتحام الجيش للسياسة يعود لإحتقاره الحياة المدنية الفوضوية والفاسدة. ونحن نعرف أن هذا ليس أكثر من حجة،  ونمتلك، بنفس الطريقة التي نعلم فيها بفساد المدنيين، معلومات بتورط المؤسسة العسكرية في الفساد حتى النخاع. ولقد استخدم الضباط الساميون الجنود في الخدمات الخاصة كما استخدمت موارد الجيش في القطاعات الخاصة (التحطيب للحمامات الخاصة، مثلا) وباع الضباط ولاء جنود الثكنات وأصواتهم في مواسم الانتخابات وتورط الضباط في بيع وتهريب الأسلحة إضافة إلى النهب الصريح للميزانية وتعبيد الجنود في الأعمال المنزلية. وإن استثراء الضباط الكبار في الجيش بشكل لا يمكن فهمه من داخل الحساب البسيط لأجورهم لهو مدخل مهم للجزم بفسادهم في غياب حالات فساد عدلية مكشوفة (تماما كالجزم بفساد المدنيين). وفي الحقيقة فإن فساد الجيش من هذه الناحية أضمن لأن القانون يتكتم على الإنفاق العسكري، والتدرجية العسكرية تعيق الإحتجاج. ويمكن اعتبار أن جزءا من أسباب انقلابي 2005 و 2008 هو صراعات المصالح التجارية التي يقف الضباط-التجار في أطرافها.
                                                          -10-
زالت خشونة جلود الضباط الكبار واختفت ألوانهم الداكنة ونعمت أصواتهم فيما تمددت بطونهم للأمام في تحد لبزاتهم الصارمة وأثر الدسم في مشيتهم بالحد الكافي من الانتقام من سنوات المشية العسكرية المنضبطة، وأثر غياب الانضباط في مهمتهم القاضية بالابتعاد من السياسة. وانتهى الجيش.
                                                          -11-
لايمكن فهم سياسية الجيش الموريتاني من تخصصه. في جميع العالم يقوم الجيش بانقلاب عندما تمس القضايا الأمنية وهنا يهب الجيش في عز السكون. وفي الحقيقة فإن كل الملفات الأمنية والعسكرية هي متروكة حصريا للضباط منذ 2005 وبشكل لا علاقة لرئيس الجمهورية به. ولقد باشر الجنرالان الأساسيان في انقلاب السادس أكبر عملية أمنية في البلاد عندما حاصرا خلية سلفية قتالية وهزما كما في حرب الصحراء، (تبين أنهما باتا يحرسان إلى الصباح منزلا خاويا إلا من حصير بال و كتاب جهادي وحبات من الفول). رغم هذا اعتبر الجنرال في أول تبرير علني للانقلاب أنه من فشل السلطة المدنية في الأمن. (بعد أشهر من حكم الجنرال الأمني حدثت أكبر كارثة أمنية في البلاد بعد لمغيطي).
على العكس جاء انقلاب 2008 من سياسية -وليس أمنية- الجيش: قاموا بالانقلاب لأن الرئيس المدني جردهم من قوتهم السياسية بأن أقالهم. ولقد عرض الجنرال -حسب نفس المقابلة- على الرئيس التراجع عن الإقالة مقابل التراجع عن الانقلاب: إعادة المنصب العسكري الذي يضمن نفوذا سياسيا والسماح بالمزاحمة في السياسة.
                                                          -12- 
لايمكن فهم سياسية الجيش من باب غيرته السياسية. كان الجيش يستخدم دوما حججا موجودة في الشارع السياسي من أجل القيام بانقلاب، ولكنه كان دوما أول المنقلبين على هذه الحجج. وتأخذ القصة هنا منحى كاريكاتوريا مكررا: الجيش هو حزب سياسي في صميم النظام القائم، ولكنه يستخدم حجج المعارضة (النظام غير-القائم) من أجل تبديل قيادة النظام دون تغييره وتمكين المعارضة، بل وتقويته. وفي 2005 اعتمدوا على نقد المعارضة لولد الطايع من أجل الإطاحة به مع السعي لتقوية أغلبيته ضد معارضتها، ومع عدم القطيعة مع الفساد السياسي الذي هو أصلا حجة الانقلاب. وفي 2008 استخدموا حجة الفساد وعدم الديمقراطية مع الشروع في إنتاج أكثر الأنظمة بناء على المكافأة والمحسوبية وأكثرها تركيزا للسلطة في يد الأقل وأقلها لامركزية.
                                                          -13-
لا يمكن فهم سياسية الجيش إلا في ارتباطه بالمصالح القائمة. وفي الحقيقة فإن غزو الجيش للمجال المدني يعود لفترة العسكرتاريا الأولي في أواخر السبعينيات، وهو أمر زاد عليه الطايع الوظائف والمكاسب. وفي الفترة الأخيرة تحول الضباط إلى أكبر الشرائح استفادة في البلاد: زادت المنح العسكرية وزاد الإنفاق العسكري (الذي يسير خارج التفتيش المدني) في ما ازداد الدور التسييري للعسكريين. ويمتلك الضباط من خلال تسييرهم وتورطهم في القطاعات المدنية مشاريع استثمارية وطموحات اقتصادية هائلة ذات امتدادات سياسية بفعل هذا الامتلاك. ويتقاضى الضباط الكبار أكبر الأجور في البلاد. كما يكسبون تأييد اللوبيات المالية بفعل تحكمهم؛ ولقد ارتبطت عندهم زيادة الأجور بالانقلابات منذ 2005. كان المدنيون هم بقرة الجيش، وتمرس الجيش على فن الحلب. وأدمن الضباط طعم اللبن.
                                                          -14-
مالذي حدث للجيش الموريتاني بعد انتهاء جمهوريته؟
 جواب: تحول إلى ميليشيا. الميليشيا هي القوة العسكرية المنظمة التي لا تأتمر بأوامر الجمهورية وقانون الجمهورية. الجيش الذي يزج بنفسه في معركة سياسية ويعادى طرفا لأنه مختلف سياسيا وليس وطنيا، والجيش الذي لا تتبع فيه قواعد التدرج، والجيش الغامس في الاصطفاف العصبي والاستفادة المادية، ليس جيشا أبدا. هو فيلق شخصي في أحسن الأحوال.
                                                          -15-
مالعمل؟
لنستأنس أولا بهذه الحكاية.
إن الزوايا هم شعب مسالم، وككل كل الشعوب فإنهم يحبون بناء مجتمع مستقر وسالم. وذات مرة أتيحت الفرصة لفريق (افريق) منهم أن ينيخ بأرض خضراء (تامورت) حيث يمكن للأغنام والإبل أن تسرح ويلعب الأطفال فيما يجتمع الكبار في الساحة الكبيرة يمارسون مكرهم السياسي والسخرية من بعضهم بالطرق المضمرة التي يعتاد عليها الزوايا. ازدهرت الدولة (الفريق) بسرعة وبدأت الأغنام والإبل تكبر وتدر لبنا أكثر، وساهم هذا في تخفيف الدسائس وبدأ الكل يهتم بنفسه ويمارس حريته في التعبير. فترة ديمقراطية وسلام.
بدأت المشاكل عندما بدأ ضبع في غزو مسارح الفريق وقتل المواشي وأكلها. في البداية استقبل الزوايا الأمر بفتور وبدؤوا في السخرية من الضبع وبدأ بعضهم في استخدام اسم الضبع رمزا للآخر والسخرية منه. ازدادت صولة الضبع وتشجع على اصطياد المزيد والمزيد من المواشي. وعندئذ بدأت المشاكل في العودة: أصيب الفريق بأزمة غذائية بسبب شح المواشي وعادت المشاكل والصراعات وساءت أمزجة الجميع. وكان لا بد من حل سريع. واجتمع شيوخ الحي عند البهو الكبير وناقشوا إلى الليل. الزوايا يكثرون من النقاش ويحولون الأمر إلى مشاكل داخلية لذا استغرق الأمر منهم وقتا قبل أن يجمعوا على رأي واحد: قرروا استدعاء حارس مر عليهم ذات يوم عارضا خدماته في الحراسة ومدعيا قدرته على الحل الفوري.
جاء الحارس متثاقل الخطى وأظهر عدم رغبته في العمل إلا حبا منه في الحي ثم اقترح مبلغا باهظا بشكل هائل ومكانة عالية بشكل لا تقبله تسلسلية الزوايا. فغروا أفواههم ولكنهم وافقوا. في الصباح الباكر عندما استلم الحارس عمله بدأ في حرق البخور العفن في عموم الحي وأمر الرجال بتلطيخ أوجههم بالسواد والنساء بالعويل، أما الأطفال فعليهم الجري جيئة وذهابا طوال الليل والنهار. استمر هذا الأمر لأسابيع، والحارس لا يخرج إلا نادرا ليعطي تعليمات اعتباطية لعموم الحي. بعد أشهر لاحظ الزوايا أن لا شيئ تغير: المواشي تنقص والحي في حالة هياج مخيف فيما الحارس في خيمته يأكل من الذبائح الطرية التي تقدم له كل حين كجزء من العقد، وأصبح له هم ثان: أصبحت ضحكته عالية جدا وتحسن شكله وهندامه بشكل ملحوظ وأصبح يشاهد كل الوقت مرتفقا قرب جماعة من بنات الحي يسمعهم قريضه ونكته ويردد ضحكته العالية في المجال فيما الضبع يهاجم المواشي ويقتلها بأشد من الأول.
عندما وصل الأمر إلى هذه الحالة، عندما عرف الزوايا أن المشكلة الحقيقية هي الحارس (المشكلة دائما في الحارس، اسألوا ولد الشيخ عبد الله) اجتمعوا عند الشجرة وباتوا في نقاش إلى الليل. هذه المرة توصلوا لفكرة أجمع عليها الجميع بلا خلاف: أن يذهبوا للضبع ويطلبوا منه تخليصهم من الحارس.

                                                          -16-
والعمل؟
لنعد ونكمل الملحمة الإغريقية بخصوص الوحوش التي تغزو المدينة. جيش الوحوش يقوده: ألكونيوس و بورفيريون: وحشان مريعان. دمار مريع سيهد البلاد تحت قيادتهما: ستموت التنمية وستدك الأرض، وسيسود الخوف. حتى الآلهة على رأسها زيوس وبوسيدون ستخاف. في الصراع ضد الجيش لا يكفي عمل الآلهة وحده، وستقضي العرافة بأنه لا بد من يعمل البشر شيئا بأنفسهم : لا بد من يهب هرقل للقتال ولا بد من فصل الوحوش عن تسيير الأمور وردهم إلى الثغور. تولدت جبهة للدفاع عن المدنيين مكونة من المتدينين يقودهم زيوس والمحاربين يقودهم هرقل والمدنيين الأبرياء. وحدها المواجهة –وليس الحوار- ستنهي الوحوش وستنشر جثثهم في أطراف المدينة. انتصر هرقل وزيوس بالمواجهة والنزول للميدان.
أي حل سياسي لا يضع في الحسبان إعادة هيكلة الجيش بحيث يمكن التحصل على ضمانات عملية ومستديمة–وليس ظرفية فقط- لابتعاد الجيش عن الصراع السياسي القائم لا يسمى حلا. يمكن تسميته توافق ولكنه ليس حلا: لا يمنع من أن يقفز جنرال فجأة إلى المجال السياسي بحجج من نوع: "انقلاب ردا على الإقالة" ثم يقوم بتسيير البلاد ما شاءت له الأقدار المحفوفة بالإستصنام والاسترزاق السياسي.
إلى الأمام.