بحث هذه المدونة الإلكترونية

لرياضة: شالكه الالماني وبرشلونة الاسباني يتأهلان الى دوري الثمانية لدوري ابطال اوروبا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 31 مارس 2011






هكذا رموه وهكذا استعادوه (القصة الكاملة)

ا

المواطن مرمي أمام المستشفى
لا أحد يعرف هذه النفس/الجثة التي تحترق بلهيب الشمس أمام مركز الاستطباب الوطني بنواكشوط.. لا أحد يسأل عن ذلك... ولا قلب يتألم به سوى قلوب لبعض الوافدين ما تزال تندى رحمة بالمساكين..
نصف ليلة وسحابة يوم وهذا الرجل/الجثة ملقى في العراء يستجدي المارة أن ينقلوه للظل فقد أكلته حرارة الشمس.
المريض المجهول
لو قدر للإنسانية أن تجسم عذاباتها المهدرة في الزمن الأردأ تمثالا يتنفس لكانت جثة هذا الرجل ذلك التمثال..ولو قدر لها أن تموت حزنا على كرامتها المهدرة لكانت نظرات هذا الإنسان رصاصة الرحمة الأخيرة.
أحمد بن اج من ولاية تكانت أو ابن اكويرلَّ..لا أحد يمكنه الجزم بهويته..ولا هو يستطيع أن ينطق باسمه دون أن تباغته إغماءة أو أنين...أسماء متعددة لهذا الجسم المنطوي على تاريخ من الجوع والمرض والإهمال في مستشفى لا يرحم الضعفاء.
يخوض الناس المجتمعون أمام المستشفى في تاريخ هذا الإنسان المعذب فيقولون ما كان وما لم يكن من حياته الغامضة ويحاول هو أن ينفي لكن صوته الخفيض لا يمكنه من إسماع تصويباته ومرضه المعدي لا يسمح بالاقتراب منه لسماع ما يقول..فيظل تاريخه وحياته ألما آخر يطحن روحه كما سحق المرض عظامه وقوته.
لا مال ولا وطن
خيوط القصة المتواترة عند من بكوا أسفا عليه من وافدي مركز الاستطباب تقول إن فيروسات السيدا والسل الرئوي أنشبت أظافرها في صحة هذا الرجل منذ فترة فألزمته الفراش ..وبطريقة لا أحد يمكنه أن يتنبأ بها وصل الحالات المستعجلة..ماذا ينتظر مريض لا أهل له ولا مال في دكان طبي لا تتنزل عليه الرحمات إلا مرفقة في ظرف مالي؟.
كان قدر "المريض المجهول" أن يظل يصارع المرض في بيت مهجور داخل أكبر مستشفى في الوطن الذي يحمل جنسيته...أشهر عدة وهو يتجدى المرضى بقية طعامهم ويسأل الممرضين قرصا لتسكين الصداع أو لحافا لقارس البرد ولافح الشمس..كانت أوامر المستشفى أن "تربصوا به ريب المنون"..
قدر أمثاله من قليلي الثروة المالية والعصبة الاجتماعية أن يموتوا في المستشفى مهملين بلا عناية ولا معين..فليس للدولة الموريتانية آصرة أمومة ولا أبوة ولا رحم مع أحد..
لم يأته الموت رغم أنه كان في مظانه..فالأجل مكتوب..لعل القدر الإلهي لم يرد لهذا الرجل أن يرحل عن دنيا الغبن إلا بعد أن يشهد الإنسانية على نموذج حي من عذاباتها وآلامها المتكررة..
الرحمة الملغاة
أخيرا قررت إدارة المستشفى أن ترمي"الرجل الفقير المريض" إلى قارعة الطريق في أقسى تصرف لا يحتمله قلب إنسان..الجثة الملقاة أمام بوابة المستشفى الوطني لليلة ونصف يوم هيجت كثيرا من بكاء الوافدين وأسالت غزير الدمع منهم..
رجل في عقده الخمسين ملقى على قارعة الطريق يسأل كل من يمر به أن يسحبه إلى الظل.
لم يمت "المريض المجهول" ..ربما لكي يسجل التاريخ أنه في يوم 29مارس2011 بنواكشوط رمت إدارة مركز الاستطباب الوطني ب"مريض فقير"جسما لا يستطيع النهوض ورجلين لا يمكنها المشي ونظرات لا تملك سوى أن تغرورق بدمع يختزن تاريخا من العذاب..عذاب الروح وعذاب المرض وعذاب الشمس.نهاية مؤلمة لقصة لا أحد يعرف بدايتها الحقيقية لكنها لا شك بدأت يوم حلقت أطياف الرحمة مغادرة قلوب أطباء خلقت لترحم الضعفاء وتضمد الجرحى وتهون من وطأة سيء الأسقام..
من سيدفع الفاتورة!
قصة الرجل الفقير المريض الذي رمت به القلوب القاسية والإدارة المهملة إلى الشارع كما ترمى علبة دواء فارغة هي مجرد عنوان لمعاناة مستمرة وواحدة من قصص عديدة تقع خلف جدران ذلك المستشفى المريض بزبونية إدارته وقسوة قلوب ممرضيه..كما هي عنوان قصة وطن كامل مثقل بالأنين مثخن بالجراح..
لم تنته القصة بعد..بل لابد للتاريخ أن يسجل أيضا أن رئيس القسم الذي كان يقيم به "المريض الفقير" لما سئل عن سر إخراجهم له إلى الشمس وعوتب في بقائه كل هذه المدة تحت الرمضاء الحارقة أجاب بصلف وكبرياء "نحن من أخرجه عن عمد...ليست لدي إضافة"...لكن..
لن تنتهي القصة هنا بل إن صدى أنين الإنسانية المعذبة الممثلة في ذلك الجسد الطريح لابد أن يتحول يوما إلى ضجيج يصم الآذان وسوطا يلهب الظالمين.. لابد للإنسانية المعذبة أن تنتصر لنفسها ذات يوم..
وأخيرا..عجز هذا المريض الفقير عن دفع فاتورة سرير حجز فرمي به إلى الشارع فيا ترى ما سيفعل بالذين لم يستطيعوا تسديد فاتورة الوفاء للوطن؟
ملاحظة:لما دخلنا على الطبيب وسألناه ولم يتجاوب معنا خاف من الإعلام فأعطى أوامر بإدخاله من جديد والصور توثق لحظات حمله من قبل عمال المستشفى
نقلا عن موقع السراج الإخباري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق